كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



هل هو حب يهوذا للمال الذي دفعه لتسليم المسيح؟ وهل ثلاثون من الفضة مغرية ليهوذا ليسلم سيده؟ ذلك شيء مستبعد لأن مالية الجماعة كلها تحت تصرفه وكان يمكنه الهروب بها ويعفي نفسه من مسئولية التسليم، بل كان يمكن أن يختلس الثلاثين من الفضة من الصندوق بطريقة مستمرة منتظمة لا تنكشف، لاشك أن يهوذا مظلوم في ذلك.
إنهم لم يعينوا علي يهوذا مراجعا للحسابات وكان يمكنه أن يختلس من الصندوق ما يشاء، فهل مثل هذا الأمين علي مالية الجماعة كلها يبيع أميرها بثلاثين من الفضة؟؟؟
ولقد ظل الصندوق في يده لآ خر لحظة حتى بعد اكتشاف خيانته بدليل أن المسيح لما قال له ما تريد أن تفعله افعله سريعا ظن التلاميذ أن المسيح يأمر يهوذا بشراء طعام من الصندوق، وهنا تناقض في مصير يهوذا ومصير الثلاثين من الفضة، كيف كان ذلك!؟
لما رأي يهوذا الذي أسلمه أنه قد دين ندم ورد الثلاثين إلي رؤساء الكهنة والشيوخ قا ئلا قد أخطأت إذ سلمت دما بريء، فقالوا ماذا علينا أنت أبصر، فطرح الفضة في الهيكل ثم مضي وخنق نفسه. (متى 27 عدد 5- 4- 3).
وتأتي أعمال الرسل بكلام مخالف عن مصير يهوذا ومصير الثلاثين من الفضة فتقول:... فإن هذا (يهوذا) اقتني حقلا من أجرة الظلم وإذ سقط علي وجهه وانشق من الوسط فانسكبت أحشاؤه كلها. (أعمال الرسل 118).
فهذا تناقض صارخ في مصير الثلاثين من الفضة مرة ألقاها في الهيكل ومرة اقتني بها حقلا، وتناقض صارخ في مصير يهوذا مرة خنق نفسه ومرة انشق من الوسط وانسكبت أمعاعاؤه.
والعجيب أن تكون شخصية المسيح نكرة في نظر طالبيه للصلب لدرجة أنهم قدموا ثلاثين من الفضة للتعرف عليه!!!
الشك:
حينئذ قال لهم يسوع كلكم تشكون في هذه الليلة لأنه مكتوب أني أضرب الراعي فتتبدد خراف الرعية- ولكن بعد قيامي أسبقكم إلي الجليل. (متى 22- 21 /26).
ولنا أن نتساءل لماذا يشك جميع تلاميذ المسيح فيه هذه الليلة- ليلة الصلب!؟ هل هو شك في نبوته؟ ذلك كفر صريح مستبعد تماما عن تلاميذ المسيح جميعا وعلي الأخص أنه قال كلكم تشكون في الشك الوحيد الذي يمكن أن يكون هو الشك في شخصية المصلوب عندما يكون قد تحقق ما أورده القرآن الكريم: {وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} [النساء: من الآية 157].
وإلا فإن شك الجميع في رسول الله كفر صريح مستبعد لأنه وعدهم الجلوس معه في الآ خرة.
وقد كانت بين المسيح وبين رئيس الكهنة محاورات ومداولات سابقة ولا شك أن رئيس الكهنة يعرف المسيح معرفة جيدة فماذا كان؟ عندما أتوا بالرجل الذي يريدون صلبه إلي رئيس الكهنة الذي اخذ يناقشه والرجل ساكت.
فقام رئيس الكهنة وقال له أما تجيب بشيء وأما يسوع فقد كان ساكتا، فأجاب رئيس الكهنة وقال له أستحلفك بالله الحي أن تقول لنا هل أنت المسيح ابن الله. (متى 64 /26).
ما هذا الأمر العجيب مجموعة أمسكوا بيسوع حيث اجتمع الكهنة والشيوخ ومع ذلك ووسط هذا الجمع رئيس الكهنة يستحلف الرجل الذي امسكوه بالله ويقول: أستحلفك بالله الحي أن تقول هل أنت المسيح...!!! هل هذه الجموع التي احتشدت لم تقنع رئيس الكهنة أن الذي أتوا به هو المسيح!؟ ذلك النص صريح وقاطع في أن رئيس الكهنة وقع في شك كبير في شخصية الذي أمسكوا به ولا يدري ما إذا كان المسيح أم لا حتى لجأ إلي استحلافه بالله أمام هذا الحشد الكبير وأجابه الشخص الممسوك به علي هذا الاستحلاف أشد عجبا حيث قال: أنت قلت (متى 64/ 26) يعني أنت الذي يقول ذلك... وأضاف الرجل وأيضا أقول لكم من الآن تبصرون ابن الإنسان جالسا عن يمين القوة وآتيا علي سحاب السماء. (متى 26. 64).
ما معني قوله من الآن يعني منذ اللحظة التي أنا ممسوك فيها ألآنيكون ابن الإنسان جالسا عن يمين القوة وآتيا علي سحاب السماء.
تدبر كلمة من الآن فالآن تعني لحظة الإمساك بالرجل ومحاكمته في هذا الوقت يكون المسيح عن يمين القوة وعلي السحاب... ألا يقطع ذلك بأن الذي أمسكوا به إنسان آخر غير المسيح؟ وهذا ما ذكره القرآن الكريم: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} [النساء: الآية 157].
وإذا كان هذا الشك من فرد في شخصيةالمسيح يمكن التغاضي عنه برغم ما أحاط به من ملابسات فما الذي يعنيه الشك في شخصية المسيح من جميع الحاضرين فقد ورد بالنص ولما كان النهار اجتمعت مشيخة الشعب ورؤساء الكهنة والكتبة وأصعدوه إلي مجمعهم قائلين: إن كنت أنت المسيح فقل لنا. (لوقا 67- 66 /22).
يا للعجب في وضح النهار مشيخة الشعب ورؤساء الكهنة والكتبة الكل مجتمعون ومع ذلك يشكون في شخصية هذا الذي أمسكوا به ويقولون: إن كنت أنت المسيح فقل لنا؟ يعني التعرف علي شخصية المسيح لا يتوقف عليهم إنما يتوقف علي إقرار واعتراف الذي أمسكوا به!!! إنه الشك الواضح الذي أشار إليه القرآن الكريم: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} [النساء: الآية 157].
بل وأشار إليه المسيح كلكم تشكون في في هذه الليلة ولابد من تحديد دائرة هذا الشك وهو ليس الشك في نبوته وإلا لقال كلكم تكفرون، الأعجب من ذلك إجابة الممسوك به علي هذا السؤال، إن كنت أنت المسيح فقل لنا.
الإجابة إن قلت لكم لا تصدقون، وإن سألت لا تجيبوني ولا تطلوقوني. (لوقا 68- 67 /22)، فما نعني إجابته إن قلت لكم لا تصدقون؟ المعني الوحيد إن قلت لكم إني لست أنا المسيح لا تصدقون ولهذا قال لهم: وإن سألت لا تجيبوني ولا تطلقوني.
فهم أتوا به علي انه المسيح ولا يصدقون أنه المسيح وبالتالي لا يطلقونه ونحن هنا سنروي أيضا رواية من رأوا المسيح حاملا الصليب كما زعموا وسنجد أنهم أيضا وقعوا في شك في شخصية حامل الصليب فقد جاء في إنجيل لوقا 26 /23 ولما مضوا به أمسكوا سمعان رجلا قيروانيا كان آتيا من الحقل ووضعوا عليه الصليب ليحمله خلاف يسوع وجاء في إنجيل يوحنا (أصحاح 19 عدد 17- 16) فأخذا يسوع ومضوا به، فخرج وهو حامل صليبه إلي الموضع الذي يقال له موضع الجمجمة رغم أنه كان موثقا!!
فهذا شك واضح في شخصية حامل الصليب إلي مكان الصلب هل هو المسيح أم سمعان الرجل القيرواني؟.
جثة رجل في القبر والمسيح يتكلم خارج القبر:
أورد يوحنا بالنص في إنجيله (أصحاح 20 عدد- 12 14- 13) وفيما هي (مريم) تبكي انحنت إلي القبر فنظرت ملاكين بثياب بيض جالسين واحد عند الرأس والآ خر عند الرجلين.
كلام صريح أن مريم رأت داخل القبر ملاكين أحدهما عند رأس الجثة والآحر عند الرجلين وفي نفس الوقت الذي رأت فيه مريم هذا المقبور داخل قبره التفتت إلي الوراء فرأت منظر آخر... فماذا رأت؟
التفتت إلي الوراء فنظرت يسوع واقفا ولم تعلم انه يسوع.
هذه النصوص صريحة في أن مريم رأت اثنين واحدا داخل القبر وملاكا عند رجليه وآخر عند رأسه ذلك داخل القبر ونظرت إلي الوراء خارج القبر فرأت في نفس الوقت يسوع واقفا... ما الذي يمكن أن يفهم بوضوح من هذا الكلام؟ إن الذي داخل القبر هو الذي شبه لهم وإن الذي خارج القبر المسيح الذي نجاه الله من الصلب، وقد تكون الملائكة داخل القبر لتشد من أزر هذا الشبيه الذي ضحي بنفسه وقبل أن يلقي عليه شبه المسيح فداء لسيده من القتل والصلب.
والعجيب أيضا أن مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وسالومة دخلن القبر ورأين شابا جالسا وأن هذا الشاب أرشدهن عن مكان يسوع وقال لهن: أذهبن وقلن لتلاميذه ولبطرس إنه يسبقكم إلي الجليل هناك ترونه كما قال لكم. (مرقس 7- 6- 5 /16)، لاحظ النص يقول وقلن لتلاميذه إنه يسبقكم، ولم يقل قلن لتلاميذي أنا أسبقكم.
فهناك موعد للقاء بين يسوع وتلاميذه تحدد فيه مكان اللقاء بالاتفاق مسبقا وهذا يقطع بأن هروب الجميع والإنكار لم يكن لشخص يسوع إنما لشخص الشبيه المصلوب.
التضارب في موعد الصلب:
يقول مرقص في إنجيله (أصحاح 15 عدد: 25) فكانت الساعة الثالثة فصلبوه.
ويقول يوحنا في إنجيله (أصحاح 19 عدد 15- 14) كلام آخر مغايرا تماما: ونحو السادسة قال بيلاطس لليهود هو ذا ملككم فصرخوا خذه خذه واصلبه.
ففي الساعة الثالثة حسب مرقس صلبوه وفي السادسة أي بعد الصلب بثلاث ساعات حسب يوحنا يقولون لبيلاطس خذه واصلبه أي لم يكن قد صلب بعد!!!.
وإذا أردنا أن نرتب الحوادث حسب ما ورد في الإنجيل يكون الأمر هكذا:
.1 في الثالثة صلبوه حسب مرقس.
.2 في السادسة طلبوا صلبه حسب يوحنا.
.3 في التاسعة أسلم الروح حسب مرقس.
.4 من السادسة إلي التاسعة كانت ظلمة علي الأرض كلها حسب رواية مرقس.34 /33 /15
ومعني هذا أن المسيح ظل حيا حسب رواية مرقس من الساعة السادسة حتى الساعة التاسعة حيث أسلم الرو ح، وفي هذا الوقت حسبما أورد مرقس حدثت ظلمة علي الأرض كلها ومن المعلوم عقلا ومنطقا أنه لو حدثت هذه الآية الكبرى وهي الظلمة علي الأرض كلها من السادسة إلي التاسعة لأنزلوه فورا من علي الصليب وأكرموه وأبقوا علي حياته لأنه من غير المعقول أن تبدأ هذه الآية العظمي والغضبة الإلهية الكبرى بإظلام الأرض كلها ومع ذلك يتركونه علي الصليب ثلاث ساعات حتى لفظ أنفاسه ألم تحدث هذه الآية رد فعل لديهم فيعتريهم الخوف من الله ولكن النصوص تثبت أنه مع هذه الآية العظمي والظلمة التي غطت الأرض كلها تركوه يلفظ أنفاسه!!! هذا شيء غير معقول.
وقد ثبت من هذه الآية أنه نبي، ولو أردنا أن نسترسل مع الحوادث التي أوردتها الأناجيل لقلنا إنهم أنزلوه من علي الصليب قبل يوم السبت لأنه يوم مقدس لديهم، وفي أول الأسبوع (الأحد) أول الفجر حسب رواية لوقا 1 /24 جاء اثنان إلي القبر ولم يجدوا يسوعا.
بصريح النصوص تقول إن جثة هذا المصلوب أنزلت من علي الصليب بعد التاسعة يوم الجمعة ودفنت في نفس اليوم وبقيت نهار السبت بأكمله داخل القبر وفي فجر يوم الأحد كان القبر خاليا ومعني هذا بقاء الجثة ليلة السبت ثم نهار السبت بأكمله ثم ليلة السبت إلي فجر الأحد ثم اختفت...!!! وذلك يخالف تماما ما جاء في رواية متى أصحاح 4 0 /12 أن الإنسان يبقي في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال!!!
وإذا كان يسوع قد شبه نفسه بيونان أي نبي الله يونس الذي بقي في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال فنحن نقول إن يونان (يونس) في هذه المدة لم يكن ميتا بل كان حيا يرزق حتى لفظه الحوت فهو لم يمت داخل بطن الحوت وقام من الموت، وتشبيه المسيح نفسه بيونان (يونس) يعني أنه لم يمت ولم يصلب ولم يقتل كما أن يونان لم يقتل في بطن الحوت.
المسيح يثبت لتلاميذه نجاته بعد أن ظهر المسيح لتلاميذه بشحمه ولحمه وعظمه ناجيا من الصلب والقتل بل زيادة في تأكيد النجاة طلب طعاما وأكل معهم.